شهدت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة تحولاً ملحوظاً في دور المرأة في المجتمع، خاصة في المجالات الأكاديمية والمهنية. لم تعد المرأة السعودية محصورة في أدوار تقليدية، بل أصبحت فاعلة في مجالات علمية وتقنية متقدمة، من أبرزها مجال الهندسة. فالمشاركة المتزايدة للنساء في هذا القطاع لم تقتصر على التعليم العالي فحسب، بل امتدت لتشمل الإسهام العملي في المشاريع الوطنية الكبرى، وتقديم حلول مبتكرة للتحديات الهندسية المعقدة.
من خلال هذا المقال، سنتناول الدور البارز للمرأة السعودية في الهندسة، التحديات التي تواجهها، إنجازاتها، وتأثير مشاركتها على المجتمع والاقتصاد الوطني
التحولات الاجتماعية في المجتمع المعاصر:
شهد المجتمع تغييرات كبيرة في القيم والممارسات الاجتماعية، حيث أصبح هناك قبول أكبر لمشاركة المرأة في سوق العمل، وخاصة في الوظائف التقنية والهندسية. فقد ساهمت التوعية المجتمعية والإصلاحات القانونية في كسر الحواجز التقليدية، ما أتاح للمرأة السعودية ممارسة مهنتها بحرية وكفاءة و هذه ما تم الإشاره إليه فى مقاله ل (World Bank لسنة 2019).
1 – التعليم والتأهيل:
أحد أبرز جوانب التحولات الاجتماعية هو تعزيز التعليم للمرأة في التخصصات الهندسية. فقد أصبحت الجامعات تقدم برامج هندسية متقدمة للطالبات، مع توفير منح ومبادرات تشجعهن على دخول مجال الهندسة والمشاركة في البحث العلمي والمشاريع التطبيقية (Alghamdi لسنة 2020).
2 – التوازن بين العمل والحياة الأسرية:
التغيرات الاجتماعية ساهمت أيضًا في دعم المرأة لتوازن بين حياتها المهنية والأسرية. فقد ظهرت سياسات مرنة وساعات عمل مناسبة، مما سمح للمرأة بالاستمرار في مجال الهندسة دون التضحية بالتزاماتها الأسرية.
مساهمة المرأة السعودية في تقدم مجال الهندسة :
أصبحت المرأة السعودية تلعب دور بارز في تطوير المشاريع الهندسية الحديثة، سواء في التصميم أو الإشراف أو إدارة المشاريع الكبرى. تُظهر الإحصاءات الحديثة أن فرق العمل المختلطة بين الجنسين تتميز بإبداع أكبر وحلول مبتكرة، ما يعكس قدرة المرأة على تقديم مساهمات نوعية في القطاع (European – Commission لسنة 2018).
1 – الابتكار والمشاريع الوطنية:
ساهمت المهندسات السعوديات في مشاريع البنية التحتية، المباني الذكية، والطاقة المتجددة، ما جعل حضورهن مؤثرًا في تطوير البيئة العمرانية والصناعية في المملكة. كما أن مساهمتهن في البحث العلمي تعزز من قدرة المشاريع الهندسية على مواكبة التطورات العالمية.
2 – التحديات الراهنة:
تواجه المرأة السعودية تحديات في مجال الهندسة، مثل التمثيل المحدود في بعض التخصصات، وصورة نمطية تقليدية تعيق التطور الكامل. ومع ذلك، فإن المبادرات الحكومية وبرامج التدريب المتخصصة تساعد على التغلب على هذه العقبات وتعزيز المشاركة الفاعلة للمرأة.
3 – الآفاق المستقبلية:
مع استمرار الدعم الاجتماعي والمؤسسي، من المتوقع أن يزداد حضور المرأة في مجال الهندسة خلال السنوات القادمة. التحولات الاجتماعية الحديثة تضع المرأة في مركز الابتكار، مما يساهم في تطوير مشاريع وطنية استراتيجية ويعزز مكانتها كمحرك رئيسي للتقدم الهندسي.
العقبات المهنية التي تواجه المرأة السعودية في قطاع الهندسة:
على الرغم من التقدم الكبير في تمكين المرأة، تواجه المرأة السعودية في مجال الهندسة مجموعة من العقبات المهنية التي تحد من فرصها وتؤثر على مسارها الوظيفي.
1 – التحديات الثقافية والاجتماعية:
تلعب القوالب النمطية والتوقعات الاجتماعية دورًا في تحديد فرص المرأة في الهندسة، كما تواجه صعوبة في التوازن بين الالتزامات العائلية ومتطلبات العمل الميداني.
2 – العقبات التعليمية والتدريبية:
رغم ارتفاع التحاق النساء بالكليات الهندسية، لا تزال فرص التدريب العملي محدودة، ونقص برامج التوجيه يؤثر على اكتساب الخبرة العملية.
3 – العوائق المهنية والمؤسسية:
تشمل هذه العوائق ضعف تمثيل النساء في المناصب القيادية، تفاوت فرص الترقية، ومحدودية الوصول إلى المشاريع الكبرى التي تمنح الخبرة الواسعة.
4 – التحديات التقنية والبيئية:
تتطلب بعض الوظائف الهندسية مهارات تقنية وميدانية، وقد تواجه النساء صعوبة في الحصول على التدريب أو الوصول إلى مواقع العمل المناسبة.
5 – مقترحات للتغلب على العقبات:
من الحلول المقترحة: إنشاء برامج توجيهية، تعزيز التمثيل النسائي في المناصب القيادية، توفير مرونة في ساعات العمل، وتشجيع ثقافة مؤسسية داعمة للمساواة.
إنجازات المرأة السعودية في المشاريع الهندسية:
شهدت السنوات الأخيرة بروز المرأة السعودية في مجال الهندسة بشكل ملحوظ، حيث أسهمت في تنفيذ مشاريع كبرى ومبادرات تطويرية داخل المملكة، مما يعكس قدرتها على المنافسة والتميز في قطاع كان يهيمن عليه الرجال تاريخياً.
1 – مشاركات في المشاريع الكبرى:
تمكنت المرأة السعودية من الانخراط في مشاريع البنية التحتية والطاقة والمواصلات، حيث شاركت في تصميم وتنفيذ شبكات الطرق والجسور والمباني الذكية، مما أثبت كفاءتها المهنية والابتكارية.
2 – القيادة الهندسية:
تقلدت بعض النساء مناصب قيادية في شركات هندسية وطنية ودولية، مثل إدارة فرق العمل والإشراف على المشاريع الكبرى، مما ساعد في تعزيز مكانتها ومساهمة المرأة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.مثل قيادة المهندسة آلاء حريري للفريق الهندسي لشركتها التى يعد من أقوى الفرق القيادة فى مجال الهندسه فى العالم العربى
3 – الابتكار والتطوير:
ساهمت المرأة السعودية في ابتكار حلول هندسية متقدمة تعتمد على التقنيات الحديثة مثل الهندسة الرقمية والنمذجة ثلاثية الأبعاد، الأمر الذي عزز من جودة المشاريع وسرعة إنجازها.
4 – دعم التعليم والتدريب:
أسهمت العديد من المهندسات السعوديات في تطوير برامج تدريبية وورش عمل لتأهيل الجيل الجديد من المهندسين والمهندسات، مما يضمن نقل الخبرات وتعزيز الكفاءات الوطنية.
5 – تأثيرها على المجتمع:
لقد أثرت إنجازات المرأة السعودية في المشاريع الهندسية على المجتمع بشكل إيجابي، من خلال تحسين جودة البنية التحتية وخلق بيئة عمل محفزة ومتنوعة، إضافة إلى تمكين المرأة في الميادين التقنية.
التأثير الاقتصادي والاجتماعي لمشاركة المرأة في الهندسة :
ساهمت مشاركة المرأة السعودية في مجال الهندسة في تحريك عجلة الاقتصاد وتعزيز التنمية المستدامة، كما كان لها تأثير واضح على المجتمع من خلال تغيير الصورة النمطية عن دور المرأة في المجالات التقنية والهندسية.
1 – التأثير الاقتصادي:
ساهمت المهندسات في زيادة الإنتاجية والكفاءة في المشاريع الهندسية، حيث أدخلن أفكاراً مبتكرة وحلولاً عملية أدت إلى تقليل التكاليف وتحسين جودة المشاريع. كما أسهمت مشاركتهن في فتح فرص عمل جديدة وتحفيز الاستثمار في القطاعات الهندسية المختلفة.
2 – التمكين المهني للمرأة:
مشاركة المرأة في الهندسة عززت من مكانتها في سوق العمل وفتحت المجال أمام الشباب والنساء لتولي مناصب قيادية، مما ساهم في بناء مجتمع أكثر تكافؤاً وعدالة في فرص العمل.
3 – التأثير الاجتماعي:
لقد أدت مساهمة المرأة في المشاريع الهندسية إلى تعزيز الدور الاجتماعي للمرأة، إذ أصبحت قدوة للأجيال الجديدة، وساهمت في تغيير النظرة التقليدية للمجتمع نحو مشاركة النساء في المجالات التقنية والهندسية.
4 – تعزيز الابتكار والتنمية المستدامة:
دخول المرأة في الهندسة ساهم في تبني حلول مبتكرة ومستدامة، مثل المشاريع البيئية والطاقة المتجددة، مما عزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء.
خاتمة
إن المرأة السعودية اليوم باتت شريكًا أساسيًا في تطوير مجال الهندسة داخل المملكة. بفضل التعليم والدعم الحكومي والإنجازات العملية، استطاعت تجاوز التحديات التقليدية وتحقيق تأثير كبير في القطاع الهندسي. ومع استمرار هذه الجهود، يمكن القول إن المستقبل سيكون مشرقًا لمزيد من النساء السعوديات اللواتي يسهمن في تقدم المملكة وابتكار حلول هندسية مبتكرة على مستوى عالمي.